Ads by Smowtion2

الخميس، 8 مارس 2012

هل نعاني أزمة نقل أم أزمة مرور ؟

حازم شعار
ربما يقول الكثير ون اننا مللنا كتاباتكم عن النقل الداخلي ومشكلاته, والحق أن قضايا النقل الداخلي هي قديمة وحديثة في آن معاً, وسأتناول هذه المرة الموضوع من زاوية اخرى قد لا تروق للبعض وربما استطيع الاقناع منطلقا .

من أننا لا نعاني في مدينة دمشق من أزمة نقل داخلي بمقدار ما نعاني من أزمة مرور , ومايجري الآن - حسب تصريحات المسؤولين عن النقل - هو تقديم الحلول لمعالجة ازمة النقل وصولا لمعالجة ازمة المرور , ولكن وحسب واقع الحال لم تتم معالجة ازمة النقل بل تفاقمت ( إن أقررنا بوجودها نسبياً ) وكذلك تفاقمت أزمة المرور .. كيف ذلك ? تابعوا معنا التفاصيل :‏‏

نمط غير حضاري‏‏

‏‏المسؤولون عن النقل في بلدنا بدءا من السيد وزير النقل يقولون ان الميكروباصات تخدم خطوط النقل الداخلي منذ 14 عاماً تقريبا ليس في دمشق فقط وانما في معظم المدن السورية - شكلها غير حضاري ولاتمثل النمط التقليدي العالمي للنقل اذ لابد من عودة النمط التقليدي للنقل ( باصات)..‏‏

يقول المهندس مكرم عبيد وزير النقل في عدد الثورة الصادر بتاريخ 6/12/ 2004 ان السرافيس العاملة على خطوط النقل الداخلي ليست النمط العالمي للنقل ولابد من عودة النمط التقليدي عبر باصات جماعية وزجها على الخطوط, وبدأ نا منذ سنوات بتجديد بعض الباصات واعادتها الى بعض الخطوط وحاليا هناك نية حقيقية لزج باصات اخرى على خطوط جديدة والتي من شأنها تقديم حل جزئي لأزمة النقل ..‏‏

هذا الكلام يشير الى أن المشكلة برأي السيد الوزير هي في شكل هذه الوسيلة ونمطيتها أضف الى أنه إقرار رسمي أن الحكومة التي وافقت على إدخال هذا النمط من وسائط النقل قد أخطأت خطأ فادحاً ... ونتساءل هل الحل المطروح الآن هو أفضل من الوضع القائم ?‏‏

من حيث المبدأ نقر بعدم صلاحية الميكروباصات كشكل للاستخدام على خطوط النقل الداخلي ,ولكن يجب ان نقر أيضا انها حلت ازمة النقل الحقيقية التي كانت تعيشها دمشق قبل 14 عاماً (قبل صدور قانون الاستثمار رقم 10) ولكن بذات الوقت هذه الميكروباصات أحدثت أزمة مرور لانزال نعيش تداعياتها حتى الآن رغم محاولات الجهات المعنية بملئها من خلال احداث الانفاق غير أن المشكلة لم تحل, لكن المشكلة الأكبر ان السيد وزير النقل لايعتبر ان دمشق تعاني من أزمة مرور وقال في تصريح نشرته الثورة بتاريخ 9/12/2004 (اعتقد انه لايوجد ازمة حقيقية في المرور ونحن كلما واجهنا ازمة لدينا الكثير من الخيارات كي نقيم الجسور العلوية او الممرات السفلية أو الانفاق ونأتي بأنماط نقل مختلفة ولدينا مجالات كثيرة مثل مترو الانفاق والمترو المعلق فيجب ان نبقى متفائلين)‏‏

كيف هي الأزمة الحقيقية‏‏

‏‏فإذا كان السيد وزير النقل يعتقد ان الواقع المروري الحالي لمدينة دمشق لايشكل ازمة حقيقية فالسؤال المطروح كيف هي الأزمة الحقيقية ?‏‏

بكل الأحوال أردت هذا التقديم لتبيان أبعاد الحل الذي تقدمه وزارة النقل (الشركة العامة للنقل الداخلي بدمشق ) بزجها حاليا باصات كبيرة في الخدمة بعد إعادة تعميرها وإخراج الميكروباصات من الخطوط التي زجت فيها هذه الباصات ونقلها الى خطوط أخرى أحدثت لها في المدينة وهنا يكمن التناقض اذا كيف نقول إننا سنخرج هذه الميكروباصات لأنها تسبب ازمة مرور وفي ذات الوقت نضعها على خطوط اخرى لنزيد الطين بلة كما يقال .‏‏

ننفذ التوجيهات‏‏

يقول السيد عارف راجح مدير نقل دمشق في لقاء مع (الثورة ): بناء على قرار السيد رئيس مجلس الوزراء رقم 71167 تاريخ 9/9/2003 وعلى محضر لجنة نقل الركاب بتاريخ 27/1/2005 تقرر اخلاء الخطوط التالية من الميكروباصات : الدوار الجنوبي - زملكا جوبر - اتوستراد المزة - القصاع بشقيه (باب توما وتجارة - مساكن برزة -ركن الدين - الحميدية عسالي - وبموجب هذا القرار قررنا التطبيق بدءاً من 15 / 2/ 2005 على خط الدوار الجنوبي بالتعاون مع فرع المرور والشركة العامة للنقل الداخلي حيث تم ادخال 65 باصا للشركة العامة للنقل الداخلي بعد أن تم تجهيزها وتهذيبها وبتواتر كل ثلاث دقائق باص يتحرك على هذا المحور والتعليمات صدرت من الشركة للتقيد بالتوقيت المحدد وأضاف :الميكروبات التي كانت على محور الدوار الجنوبي تقدم مالكوها بطلبات الى مديرية النقل لوضع ميكروباصاتهم على خطوط جديدة متاحة وأيضا على خطوط قديمة قائمة يوجد فيها نقص في عدد الميكروباصات , وقد تمت الموافقة الفورية على طلبات الأخوة السائقين كاسرين بذلك الروتين ..‏‏

وأشار راجح الى أن المديرية أحدثت /58/ خطا جديداً وفسحت المجال لأصحاب السرافيس الملغاة خطوطها لاختيار ما يناسبها .‏‏

وفي السياق ذاته يؤكد مدير الاستثمار في شركة النقل الداخلي كميل عساف ان هناك توجه بإعادة إحياء دور شركة النقل الداخلي وإخراج الميكروباصات من الخطوط بسبب مظهرها غير اللائق حضاريا وتلويثها للبيئة والتسبب في الازدحام معتبرا ان الباص يحل محل ثلاثة ميكروباصات وقال : ( منذ اكثر من عشر سنوات فوجئت الشركة بوجود عدد كبير من السرافيس تعمل على خطوط النقل الداخلي , حيث لم ينسق أحد معنا وهذا الواقع جعل الباصات تعمل دون جدوى حيث المواطن كان يرغب في الصعود بالميكروباصات رغم انه غير حضاري والذي حدث ان تم اخراجنا بشكل غير طوعي من الخطوط )‏‏

تناقض كبير‏‏

نستنتج من التصريحين السابقين وجود تناقض كبير .. فإذا كان السبب في اخراج الميكروباصات ( البداية على خط الدوار الجنوبي ) هو حل مشكلة الازدحام فالواقع اثبت عكس ذلك حيث نلاحظ حاليا بوادر أزمة تجلت في الازدحام وفي صعود اعداد مضاعفة الى الباص بحيث يكون عدد الواقفين في كثير من الأحيان يفوق عدد الجالسين بمرتين وهذه ليست مبالغة ( فأنا ضيف دائم على هذا الخط ) أضف الى أن التعليقات من قبل المواطنين بدأت تظهر في اشارة واضحة منهم الى استيائهم من هذه الباصات وهذه التعليقات ..( عادت حليمة لعادتها القديمة , رجعونا 15 سنة لورا , عم نتبهدل بالباصات ) وهذا يؤكد ما ذهبنا اليه في البداية بأننا لانعاني أزمة نقل بمقدار ما نعاني ازمة مرور واذا كان مدير الاستثمار يقول إن المواطن كان يرغب في بداية دخول الميكروباصات في الخدمة في الصعود بها ما أدى الى خروج الباصات بشكل قسري من الخدمة فإننا نقول بأن هذا المواطن لايزال يرغب في الصعود بها بدلا من الباصات التي لاتخدمه من حيث الزمن والراحة .‏‏

والتناقض الآخر هو أن المعنيين يقولون انهم سيخرجون الميكروباصات من الخطوط لما تسببه من أزمة في المرور, والذي حدث زيادة أزمة المرور اذ الميكروباصات التي يتم اخراجها من الخطوط الرئيسية المعلن عنها وتزج في خطوط أخرى احدثت لهذه الغاية.‏‏

احترنا ماذا نفعل?‏‏

وردا على تساؤلنا من الحكمة من هذا الاجراء يقول السيد مدير النقل وباللهجة العامية بداية (وين بدنا نروح بالميكروباصات) ثم عاد وأكد ان الخطوط المتاحة يقع معظمها خارج مركز المدينة وتغطي حيزا جغرافيا كبيرا وتخدم عددا لا بأس به من المواطنين القاطنين في الضواحي أثناء انتقالهم الى اعمالهم, وأضاف: الخطوط التي تم ادخال الباصات عليها هي خطوط طويلة وشوراعها عريضة وتستوعب باصات نقل داخلي أما السرافيس فقد تركناها تعمل على خطوط في حارات ضيقة.‏‏

وأشار راجح الى أنه سيتم اخراج كافة الميكروباصات من المدينة خلال الاشهر القادمة في حال توفر البديل, وهنا يبرز السؤال الملح هل تستطيع شركة النقل الداخلي أن تقوم بهذه المهمة بوضعها الحالي?!.‏‏

كما أنه بدأت تظهر تساؤلات حول الحكمة من اعادة تعمير باصات قديمة عمرها اكثر من 35 عاما وصرف الملايين عليها.‏‏

مع السائقين‏‏

وقبل أن نتعرف على جاهزية الشركة لهذه المهمة ومدى صلاحية الباصات التابعة لها التقينا عددا من السائقين العاملين على خط الدوار الجنوبي وكانت المفاجأة أن هذه الباصات ليست جاهزة كما يجب وقال أحدهم: ماذا تتحمل هذه الباصات لتتحمل بعد اخراج الميكروباصات من الخط حيث عادت الزحمة الى ما كانت عليه في السابق!!.‏‏

وقال آخر عبارة تثير الدهشة في اشارة منه الى عدم جاهزية هذه الباصات وأنه تم تسكيجها العبارة هي (بس صيفت عوفت) وأضاف: ماذا تنتظر من باصات عمرها أكثر من 35 عاما, ونوه بعضهم الى أن اعادة تعمير الباصات تكلفتها باهظة تتراوح ما بين 400 الف ل.س و1,3 مليون ل.س للباص الواحد.‏‏

في شركة النقل الداخلي‏‏

وفي شركة النقل الداخلي التقينا معاون المدير العام وسألناه لماذا تم إعادة إصلاح الباصات وصرف الملايين عليها رغم أنها غير مهيأة تماما للعمل واعطالها بدأت تظهر? أجاب: الباصات صالحة للاستثمار وحالتها الفنية جيدة رغم قدم عمرها, وقد اجرينا صيانة للباصات التي يمكن الاستفادة منها وبتكلفة معقولة, أما الباصات التي تكلفة صيانتها كبيرة فأهملناها, وأصبح عندنا مجموعة من الباصات يمكن الاستفادة منها ما أمكن لحل ازمة النقل ومساعدة المواطنين, وأضاف: لكن ليس هذا كل الحل وإنما هناك باصات جديدة قادمة حيث تم التعاقد عليها كما أبلغنا وزير النقل وحصة دمشق منها 400 باص وفور وصولها سيتم وضعها بالخدمة.‏‏

وأوضح معاون المدير العام أن اجمالي عدد الباصات الذي تملكه الشركة يبلغ 44 باصا (بين متوقف وقيد الاستثمار) منها 384 باصا قيد الاستثمار وهو عدد السائقين الموجودين لدى الشركة, وهناك عدد من الباصات وبقليل من الصيانة يمكن وضعها بالاستثمار في حال توفر السائقين وقال: استعنا بالسيد وزير النقل لتعيين عدد من السائقين, ولكن للسيد وزير النقل رأي آخر أنه يمكن تأجير هذه الباصات للقطاع الخاص لاستثمارها ضمن خطوط النقل الداخلي بمدينة دمشق.‏‏

حلول ناقصة‏‏

الغريب أن حلول النقل الداخلي.. رغم أنها غير مجدية فهي حلول ناقصة ايضا.. عدد الباصات لا يكفي نصف حاجة مدينة دمشق, عدد السائقين لا يكفي ربع الباصات الموجودة.. باصات جديدة تم التعاقد عليها.. يبدو أن التجربة هذه محكوم عليها بالفشل منذ البداية.‏‏

واذا انتقلنا الى موضوع التكلفة بالباهظة للإصلاح والحكمة من اعادة تعمير باصات عفى عليها الزمن يقول معاون مدير عام الشركة السيد كميل عساف: الباص الذي كلف 400 الف ل.س أجري له اصلاح للهيكل العام (دواليب- بطاريات- حدادة- دهان) دون اصلاح المحرك وأجهزة نقل الحركة وهذا المبلغ قياسا لأسعار السوق لا يعتبر رقما كبيرا وتم ذلك بمناقصات وطرق نظامية ورسمية, أما الباص الذي كلفة صيانته حوالى 1,3 مليون ل.س اجريت له عمرة كاملة للمحرك وأجهزة نقل الحركة.. إضافة الى تجديد الهيكل العام, وأيضا هذا الرقم لا يعتبر كبيرا.‏‏

قاطعته.. اذا ارادت الحكومة أن تستورد باصات جديدة ألا يمكن أن تستورد بمثل هذا المبلغ?.‏‏

أجاب: اعتقد أن الدولة اذا ارادت أن تستورد الباص لا تستورده بأقل من 3 ملايين ل.س.‏‏

وماذا عن الاعطال التي بدأت تظهر وكيف يتم الاصلاح?‏‏

يقول عساف: هناك لجان لشراء القطع التبديلية وقبل البدء بالصيانة يتم تحديد الطريقة وذلك بالشراء المباشر, وفي هذه الحالة يكون الباص بحاجة الى قطعة يحتاجها الباص بشكل اضطراري أو يتم الشراء عن طريق المناقصات حيث يتم وضع خطة لحاجة الشركة بشكل كامل خلال عام.‏‏

وما يثير الاستغراب ايضا في هذا السياق وحسب تأكيدات بعض السائقين أن بعض الباصات تحتاج الى صيانة بعد عمل استغرق بضعة ايام.. فتصوروا يارعاكم الله.‏‏